الخميس، 6 سبتمبر 2012

كتاب "الإيمان والتقدم العلمي" (1) خلق الكون


سأقوم بإذن الله بتقسيم قرائتي لهذا الكتاب لمجموعة تدوينات نظرا لكثافة المادة العلمية واهتمامي الكبير بالمواضيع الواردة فيه.

كتاب "الإيمان والتقدم العلمي"... دراسة للدكتور هاني رزق و الدكتور خالص جلبي~

ينقسم هذا الكتاب القيم -الذي احتوى الكثير من الاجابات لأسئلتي حول الثورة العلمية في مجالات التطور البيولوجي والانفجار
  الكوسمولوجي والاستنساخ ونظرية الشوش وغيرها من الاكتشافات الحديثة في عوالم الذرة- إلى ثلاثة أقسام

القسم الأول بعنوان: التطور الموجه \للدكتور هاني رزق
القسم الثاني بعنوان: الثورة العلمية الحديثة والإيمان \للدكتور خالص جلبي
القسم الثالث: تعقيبات على  المعلومات الواردة في هذا الكتاب



 (1) الإنفجار الأعظم وخلق الكون

بدأ الدكتور هاني رزق حديثه حول الكون ونظرية الانفجار الأعظم

: إذ يتألف الكون من ثلاث مكونات رئيسي 
  1. الإشعاع أو الفوتونات : وهي جميع اشعاعات الطيف الكهرومغناطيسي بما فيها الضوء المرئي
  2. المادة: كالنجوم والمجرات وعناقيد المجرات والكواكب وكل الأشياء غير الحية والحية مثلنا نحن البشر
  3. المادة السوداء الباردة التي تعمل على عدم انفلات الكون وعدم انسحاقه وانكماشه، فتحفظ المجرات بنجومها وكواكبها من الفناء -بقدرة الله- 

ويتحدث الكاتب عن القوى الطبيعية الأربع والتي تمثل إرادة الله التي لا يصيبها التبدل وهي خالدة موجودة منذ خلق الكون وهي كالآتي:

  1. قوة الثقالة التي تسقط التي الأجسام باتجاه مركز الأرض وهي المسؤولة عن تشكل المجرات وعناقيدها.
  2. القوة النووية الشديدة، التي تجعل العناصر متماسكة وثابتة إذ تربط الكواركات لتشكل البروتونات والنيوترونات~ وهي قوية جدا بحيث يؤدي تحطيمها إلى تحول المادة إلى طاقة (تماما كتلك القوة الإلهية العظيمة التي حولت الطاقة إلى مادة حينما نشأ الكون وخُلقت نجومه الأولية بالانفجار الأعظم) . كما يتم تشكل الطاقة بمعادلة آينشتاين الشهيرة (E=m c2) ويمكن عمليا تحويل جزء من المادة إلى طاقة في المفاعلات النووية!
  3. القوة النووية الضعيفة، التي تجعل إلكترونات الذرة تدور حول نواتها.
  4. القوة الكهرومغناطيسية، التي تؤدي لإنتشار الضوء، وهي مسؤولة أيضا عن الكثير من التفاعلات الكيميائية المهمة.
وإن هذه القوى الأربع، ولدت تدريجيا أثناء تبرد الكون، وكانت موحدة جميعها في قوة متفردة قبل حدوث الإنفجار الأعظم
وحينما حدث الانفجار الأعظم (في اللحظة صفر من عمر الزمن) في نقطة لانهائية الصغر والكثافة والسخونة (تجاوزت حرارة بلانك وقل صغرها عن طول بلانك، التي لايمكن تجاوزها فيزيائيا في الطبيعة)  وُلدت هذه القوى تدريجيا وخلق الله  الزمن حينها!

ويصف الكاتب نظرية الانفجار العظيم بارادة الله في خلق الكون، ويورد الكثير من الأدلة العلمية التي جاء بها التطور العلمي الهائل في مجال الفضاء، أهمها اكتشاف توسع الكون.

 وأذكرهنا آيات قرآنية قد تكون إشارة إلهية لخلق الكون وهي الآية ثلاثين من سورة الأنبياء:
قال تعالى: "أولم يرَ الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي" 

وهناك آية قرآنية قد تكون دلالة على توسع الكون وهي الآية 47 من سورة الذاريات:
قال تعالى " والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون" 


ويعارض الكاتب بشدة مبدأ الشوش في خلق الكون - الداروينيين مثلاً يعتقدون بمبدأ الشوش واللا انتظام في خلق الحياة- إذ انتقل الكون منذ بدء خلقه إلى حالة الانتظام

وسأقوم بايراد مراحل تكون الكون -التي تحدث الكاتب عنها باسهاب- على عدة نقاط بايجاز:
  • عندما كان عمر الكون جزء من مئة مليون مليار مليار مليار من الثانية، وهبطت حرارته إلى ألف مليار مليار مليار كلفن: تجمدت القوة النووية الشديدة وانفصلت عن القوى النووية الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية، وأصبح الكون بحجم البرتقالة.
  • عندما أصبح عمر الكون الوليد جزء من مئة ألف مليار مليار مليار جزء من الثانية، وكانت حرارته قد هبطت إلى عشرة ملايين مليار مليار كلفن: تشكلت المادة التي شكلت الالكترونات والكواركات (التي ستشكل نيوترونات وبروتونات المستقبل) وتشكلت كذلك مضادات الكواركات (يعرف في فيزياء الجسيمات العنصرية أن لكل جسيم عنصري جسيم مضاد له يتفانى معه عند التصادم).
  • عندما أصبح عمر الكون الوليد جزءا من مئة مليار من الثانية، هبطت حرارته إلى مليون مليار كلفن: تجمدت القوى النووية الضعيفة والقوى الكهرومغناطيسية وانفصلتا. (هنا يشير الكاتب إلى أن ولادة القوى الأربع كانت لتضبط الكون من حالة الشوش إلى حالة الانتظام، ومن البنية الأبسط إلى البنية الأعقد، ومن المادة ذات الوظيفة الأقل كفاءة إلى المادة ذات الوظيفة الأكثر كفاءة، في تطور موجه لا دور للمصادفة فيه - كنت قد قرأت في وقت سابق مقتطفات من كتاب صانع الساعات الأعمى لأشهر الملاحدة الدارويين وهو ريتشارد دوكنز الذي يصف تطور الحياة بصانع الساعات الذي يصنع أمورا معقدة ولكنه أعمى... كالتطور الذي يسير بالمصادفة المطلقة نحو التعقيد والكمال- وأنا أعارض هذا المبدأ الغير عقلاني تماما فهو يتنافى مع الفكر الإسلامي والإنساني وكذلك الدكتور هاني رزق يتبنى منهجا معارضا للتطور بالمصادفة وانما ينتهج منهج التطور الموجه ).
  • وفي اللحظة التي أصبح فيها الكون بعمر جزء من مليون من الثانية، هبطت حرارته إلى عشرة آلاف مليار كلفن: حدث ما يُعرف بمذبحة الكواركات، إذ تفانى العدد الأكبر من الكواركات مع مضاداتها، وشكل ما نجى من هذه الكواركات المادة كما نعرفها اليوم فقد شكلت بروتونات ونيوترونات نوى الذرات، وكان أول ما شكلته البروتونات هو نوى ذرات الهيدروجين، وأصبح الكون الآن بحجم المنظومة الشمسية.
  • عندما أصبح عمر الكون ثانية واحدة، وهبطت حرارته إلى عشر مليار كلفن: توقف تفاني مضادات الكواركات.
  • في عمر مئة ثانية، هبطت حرارة الكون إلى مليار كلفن: تكونت أول نوى الهيدروجين والهيدروجين الثقيل والهيليوم.
  • في عمر ثلاثة آلاف عام، انخفضت حرارة الكون إلى ألف كلفن: استطاعت نوى الذرات أسر الألكترونات لتبقى تدور حولها.
  • في عمر مليار عام: بدأت المجرات بالتكون من السديم الكوني المكون من الهيدروجين والهيليوم، ومركبات غازية أخرى.




تحدث المؤلف في نهاية هذا الفصل عن  المجرات، فهي تعنقد هائل من النجوم، تترابط جميعها ثقاليا لتبقى في مواقعها، وتأخذ المجرات أشكال مختلفة : إما إهليجيا، أو حلزونيا، أو عدسياً، ولمجرتنا درب التبانة شكل حلزوني، وتقع مجموعتنا الشمسية في أحد الأذرع الخارجية لمجرتنا.

وإن أقرب مجرة منا هي مجرة المرأة المسلسلة، وهناك جسمان كونيان مهمان يجاوران مجرتنا، وهما سحابتا ماجلان، وتظهر السحابتان على شكل لامع بديع في نصف الكرة الجنوبي، فدخلتا في أساطير القبائل الأسترالية والإفريقية القديمة!

ويمكن للمجرة الواحدة أن تحتوي على مئة مليار نجم، ويقدر عدد المجرات في الكون بمليار مجرة!

فسبحان الله العظيم في خلقه... علينا أن نتفكر دوماً في هذا الامتداد العظيم للكون وفي الكم الهائل من مجراته و كم النجوم وكواكبها وتوابعها الكونية في كل مجرة!

نهاية الجزء (1) من قراءة كتاب الإيمان والتقدم العلمي


far soul goes farther than it sees

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق