الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

كتاب " الجيولوجيا عند العرب" لـ د. علي السكري



كان هذا الكتاب مشوقاً للغاية ولقد روى فضول سنوات ثلاث منذ دخولي للجامعة والتحاقي  -بفضل الله- بقسم الجيولوجيا الذي أحببت! 



كنت أبحث طويلاً عن كتاب يضم معارف العرب واسهاماتهم في مجالات الجيولوجيا
 فأنا أدرك عظمة الموروث العلمي الذي تركوا
فبدأت البحث عن اسهامهم الحتمي في الجيولوجيا وعلمت بعدها أن ما درسناه في تاريخ الجيولوجيا في الجامعة كان اجحافا بحق 
هؤلاء العظماء وانجازاتهم الكبيرة في نظريات الجيولوجيا المختلفة التي اقشعر بدني عند قراءة نصوصها التي تطابق بشكل كبير ما 
كنا ندرسه من موضوعات حديثة في علوم الأرض!

ولقد اهتديت بفضل الله لقراءة كتاب "الجيولوجيا عند العرب للدكتور علي سكري" وأحب أن يرجع القارئ المهتم بهذا المجال إلى قراءة هذا الكتاب الذي نشرته "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" كما أن هناك كتاب آخر أكثر شمولا للدكتور زغلول النجار بعنوان "علوم الأرض في الحضارة الإسلامية" نشرته الدار المصرية اللبنانية... لم يتسنى لي قرائته بعد وسأقرأه قريبا  بإذن الله... والكتابان متوفران في المكتبة الرئيسية بجامعة السلطان قابوس!

سأتحدث هنا عن مقتطفات من كتاب الجيولوجيا عند العرب وأكثر ما أحببت وأثر في:

قسّم المؤلف الكتاب إلى ثمانية فصول مختصرة كالآتي:

علم المعادن والأحجار الكريمة
لقد توارث العرب معارفهم عن الأحجار الكريمة والمعادن وعرفوا خواصها وأماكن تواجدها واستخداماتها وثمنها كما أجروا عليها اختبارات كيميائية "وأهمهم الكندي" كمعالجتها بالأحماض والخل وتسخينها بالنار
وعرف العرب ظاهرة "التبلور" إذ تحدثوا عن الأشكال الهندسية المحددة التي تتميز بها بعض المعادن كالزمرد والألماس
وتحدثوا عن اللون والشفافية والمحك أو كما نسميه "الستريك
وقد ركزوا على الألوان وقسموها إلى درجاتها المتفاوته
ويمكننا أن نجد ذلك في كتاب البيروني المسمى "الجماهر في الجواهر" 
ولاحظوا أيضا الشوائب والصلابة والوزن النوعي وقاسوا بدقة عجيبة أوزان بعض المعادن فمثلا 
وضع عبدالقادر الطبري جدولا حدد فيه الأوزان النوعية للذهب والفضة والنحاس والحديد
وتقترب بعض هذه الأوزان بدقة كبيرة من الأوزان الحديثة

علم الصخور
 أما "ابن سينا" الذي يعتبره المؤلف مؤسس علم الجيولوجيا عند العرب فقد ذكر بطريقة جميلة في كتابه الشهير "الشفاء" في الفصل
الخاص بالمعادن والظواهر العلوية "الجوية" ،ذكر تكوين الأحجار إما من الطين بالجفاف أو من الماء بالبخار أو الترسيب وأشار أيضا إلى تكون الحجارة من النار
ويذكر ابن سينا أيضا ظاهرة تتابع الطبقات أو السوبر بوسيشن وأدرك قيمة الحفريات البحرية التي قد توجد على ظهر اليابسة أو في الجبال وأذكر هنا نصه الرائع:
"فيشبه أن تكون هذه المعمورة قد كانت في سالف الأيام غير معمورة، بل نغمورة في البحار، فتحجرت عاما بعد الانكشاف قليلا قليلا في مدد لا تفيء التأريخات بحفظ أطرافها، وإما تحت المياه لشدة الحرارة المحتقنة تحت البحر، والأولى أن يكون بعد الانكشاف، وأن تكون طينتها تعينها على التحجر، إذ تكون طينتها لزجة، ولهذا ما يوجد في كثير من الأحجار، إذا كسرت أجزء من الحيوانات المائية كالأصداف وغيرها" 
قام العرب أيضا بتقسيم النيازك إلى نوع حجري وآخر حديدي
وعرفوا أيضاً تكوين الرمال من عدة معادن متباينة
فسبحان الله الذي ألهم العرب باجتهاداتهم وتأملاتهم وتجاربهم ودقة ملاحظاتهم كل هذه المعلومات التي نكشفها اليوم بالتجارب والدراسات المستفيضة! 

الجيولوجيا الطبيعية

علم البحار
كتب العرب باسهاب في جغرافية البحار وتكونها وانتقالها وبرعوا في الملاحة ولا يخفى علينا اختراعاتهم الشهيرة كالأسطرلاب والبوصلة المسماة ب"ببيت الإبرة

علم الحفريات ونظرية التطور
قد لا أوافق المؤلف بعض ما ذكره عن نظرية التطور التي لا أؤمن بها لعدم مطابقتها لمبدأ الإيمان والخلق وما ذكره عن حديث علماء العرب عن فكرة تطور الإنسان من القردة كأن ينقل ما كتب ابن سينا في عبارة مختلف عليها أشد الاختلاف لما لها من تباينات كبيرة إذا ما تغير المعنى حيث يقول ابن سينا "واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه، وانتهى في تدرج التكوين إلى الإنسان صاحب الفكر والروية ترتفع إليه من عالم ( قيل القردة وقيل القُدرة) الذي اجتمع فيه الحس والادراك، ولم ينته إلى الفكر والروية بالعقل، وكان ذلك أول أفق من الانسان بعده" وهنا أقف أنا اعتراضا على ترجيح الكاتب بأن تكون الكلمة الواردة في نص ابن سينا القِردة... فمحال على العقل المؤمن المستنير أن يتخيل تطور الإنسان العاقل من القردة 
وقد أوافقه وأوافق ما ذكر العرب عن تطور الحياة من المعدن إلى النبات إلى الحيوان كما ذكر ابن خلدون ""ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدرج"... نظرا لإهتمامي بآراء الدكتور هاني رزق في حديثه عن التطور الموجه
وأتحفظ على ذلك أيضا -لتأثري الكبير بكتابات الدكتور زغلول النجار والدكتور صبري الدمرداش المعارضة لتطور الكائنات بشكل عام- فلا أزال أبحث في فرضية تطور الحياة في جميع فروعها -عدى تطور الإنسان من القدرة فذلك معارضة صريحة لآيات الله التي تتحدث عن خلق الإنسان في أحسن تقويم ومعارضة أيضا لحديث الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) حينما سُئل عن بني اسرائيل الذين خسف الله بهم إلى قردة وخنازير،كما جاء في نص الحديث : "يارسول الله هل القردة والخنازير المنتشرة على الأرض نفس الذين مسخوا من بني اسرائيل؟" قال: "لا، ذلك خلقٌ كان"  فلاذنب لأبنائهم من بعدهم إن هم تناسلوا وهذه رحمة من الله أن جعلهم لا يتناسلون، وعبارة "ذلك خلقٌ كان" قد تدل على خلق القردة  قبل البشر بخمسين مليون سنة -كما تحدث الدكتور زغلول النجار في أحد حواراته- وقد تدل على أن المسخ إنما كان حادثة مارة لا امتداد ولا أثر لها ... وهناك الحديث المشور للرسول علية الصلاة والسلام "خلق الله آدم على هيئته .... طوله ستون ذراعاً" إلى آخر الحديث-  وأسأل الله أن يرشدني للحل الصواب لهذه المعضلة بإذنه

 وجميل أيضاً أن أعرف أن ابن سينا تحدث عن انفجار الحياة وانقراها في بعض الأزمنة ولكنه ذكر أيضا اعادة الحياة بالتولد دون
 التوالد... فهل هذه اشارة لتطور الأجناس الموشكة على الانقراض حتى تتناسب مع البيئة الجديدة بعد الكارثة!!؟؟

المساحة والخرائط

التعدين

ملامح الجيولوجيا عند العرب
تحدث العلماء العرب أيضا بتفاصيل مختلفة عن ظواهر جيولوجية مختلفة كالبراكين والزلازل وتكون الجبال
ولهم اسهامات كبيرة في علم الطقس المُسمى وقتها بـ "العوالم العلوية" أو ما نسميه اليوم الميتيورولوجي

ليس هذا غريبا أبداً على علمائنا العظام من العرب والمسلمين الذين عاشوا قبلنا بحوالي ألف سنة واكتشفوا كل هذه الأمور التي يصعب علينا اليوم في هذا العالم المتطور والمتسارع أن نصل لمدارجهم! فمتى يا ترى سنعود كما كنا وكما ينبغي لنا كمسلمين أن نكون... أسياد العلم ورواده وحاملي راياته في كل المجالات



far soul goes farther than it sees

هناك 3 تعليقات:

  1. جميل جداً ما قرأته هنا ولفته لا بد منها لتبيان دور العرب في مجال الجيولوجيا واسهاماتهم الكبيرة في تفسير الظواهر الجيولوجية..كل الشكر بحجم هذا الكم الكبير من المعلومات التي استمتعت بها هنا..

    ردحذف
  2. قد قرات الكتاب الاوول وابهرني كثيرا..اتمنى فالمستقبل القريب ان نكتب انا وانت كتاب عن جيولوجية عمان ..حتى نفيد ونستفيد

    ردحذف
  3. جمبل اوى

    ردحذف